مقالات

هل تعطّل واشنطن الانفتاح العربي على دمشق

هل تعطّل واشنطن الانفتاح العربي على دمشق

 

لا نقلل من شأن الولايات المتحدة إذا ما قلنا أن هيمنة واشنطن تتراجع هذه الأيام تأثيراً ودوراً في منطقة الشرق الأوسط، بل هي اليوم في أضعف حالاتها في المنطقة منذ تفردها بالقطبية الأحادية بعد انهيار الإتحاد السوفييتي عام 1991.

لكن واشنطن رغم ذلك تبقى قادرة على التأثير بالتخريب والتعطيل من خلال وجودها العسكري الذي ما يزال حاضراً بقوة في منطقة الخليج وسورية والعراق ومن خلال أدواتها الإرهابية والانفصالية على الأرض.

وفي ظل الانفتاح العربي الواسع على سورية، وخصوصاً الخطوة الأخيرة التي قامت بها المملكة العربية السعودية الحليف التقليدي للولايات المتحدة، والتي تمثلت بزيارة وزير خارجيتها فيصل بن فرحان إلى دمشق ولقائه مع الرئيس بشار الأسد بعد انقطاع لنحو 12 عاماً، تفرض عدة تساؤلات نفسها بقوة.

هل واشنطن راضية عن الخطوة السعودية؟ وإن لم تكن كذلك، هل ستعمل على تعطيل الخطوة التي توجّت انفتاحاً عربياً واسعاً على دمشق؟ وفي حال حاولت.. هل باستطاعتها التعطيل كلياً أم جزئياً؟

اقرأ أيضاً: لأول مرة منذ عام 2011.. وزير الخارجية السعودي في دمشق

في الحقيقة لن نكشف سراً إذا قلنا أن واشنطن غير راضية عن خطوات الانفتاح العربي على سورية، وهي دعت إلى ربط خطوات الانفتاح بالتقدم في “العملية السياسية” التي ترعاها الأمم المتحدة، “العملية” التي حاولت واشنطن فرضها بالقوة العسكرية وعبر الإرهابيين ومن خلال سطوتها السياسية على مدى سنوات وفشلت.

لكن عن أي عملية سياسية تتحدث واشنطن، ومع من؟ مع أشخاص لا يمثلون سوى أنفسهم ويقيمون في الفنادق الغربية؟ أم مع تنظيمات إرهابية كالنصرة في إدلب وداعش في التنف أم مع ميليشيا انفصالية؟

إن العملية السياسة الوحيدة الباقية هي تحييد الإرهابيين تحت أي مسمى كان واستعادة مؤسسات الدولة السورية سيطرتها على كامل الجغرافيا السورية، وغير ذلك هي مجرد محاولات أمريكية عبثية لتعطيل وتخريب مسار الانفتاح على دمشق، فهل تنجح؟

الإشارات التي أطلقتها ميليشيا “قسد” ما يسمى (الإدارة الذاتية) بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق، عبر المبادرة التي طرحتها للحوار مع الحكومة السورية، تعطي انطباعاً أن الميليشيا لم تعد تعول كثيراً على التأثير الأمريكي سواء لجهة التعطيل أو لجهة فرض أجندتها الانفصالية، خصوصاً مع التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة.

اقرأ أيضاً: دون وساطة.. “الإدارة الذاتية” تطرح مبادرة للمصالحة مع دمشق وتؤكّد استعدادها للحوار

ليس هذا فحسب، بل يمكن أن نستنتج أن واشنطن التي لم تستطع عرقلة أو منع الاتفاق السعودي – الإيراني الذي جرى برعاية صينية، لن تكون قادرة على وقف الانفتاح العربي على دمشق خصوصاً إذا ما علمنا أن الولايات المتحدة هي راعية الخلاف السعودي الإيراني، وهي التي تعمل على تأجيجه بين الفينة والأخرى لإطالة أمده والاستثمار فيه.

إن الانفتاح العربي على سورية ليس إلاّ جزءاً من التبدل الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط والعالم، في ظل الصراع الدولي الدائر حالياً بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة ودول الناتو من جهة ثانية.

لذلك فإن أقصى ما يمكن أن تستطيعه واشنطن اليوم هو محاولة تخريب الساحة الداخلية عبر هجمات إرهابية وتوتير الأوضاع الأمنية لمنع تعافي سورية أو الاستفادة من مناخ الانفتاح العربي على المستوى الاقتصادي والذي يشكل العائق الأكبر أمام تعافي سورية واستعادة قوتها.

وأما تعويل واشنطن وأدواتها من الأنظمة الإقليمية على منع عودة سورية إلى الجامعة العربية فهو تعويل فاشل، لأن سورية لا تعول كثيراً على الجامعة العربية، وقد أعلنتها دمشق صراحة أنها تفضّل تطوير العلاقات الثنائية مع الدول العربية على عودتها إلى الجامعة، لذلك يمكن القول.. حتى إن بقيت دمشق خارج الجامعة فلن تحقق واشنطن أي هدف من ذلك.

إن حسابات الحقل الأمريكية سوف تفشلها حسابات البيدر السوري الذي سيكون له الكلمة الفصل في مصير قوات الاحتلال الأمريكي الموجودة في سورية، ولسوف تكون الكلمة الفصل للمقاومة الشعبية عبر صواريخها وطائراتها المسيّرة التي بدأت تدك القواعد العسكرية الإحتلالية في الجزيرة السورية.

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى