مقالات

حدائق خارج نطاق التغطية!!

حدائق خارج نطاق التغطية!!

 

في زاوية مهجورة من تلك البقعة التي تتوسط المدينة، المحاطة بحواجز طبيعية من النباتات والأشجار دائمة الخضرة، بجانب مقعد خشبي يعلو الهضبة المطلة على الشارع المحاذي للأبنية السكنية، يجلس أناس من أقطاب مختلفة، يقصدونها حيث لا ملجأ ولا متنفس لهم سواها، تحمل سمة العمومية لاستقبالها الجميع دون شروط مسبقة، لا بل باتت اليوم مؤنس الكثير ممن اعتادوا الجلوس فيها يومياً والاستمتاع بأجواء الطبيعة النقية.

هي أشبه بمنزل للفقير ومتنزه للعائلات التي لم يعد لها وسط عتمة هذه الأيام سوى هذا الخيار لبعث الراحة والطمأنينة في نفوس أبنائهم، كيف وهي صممت خصيصاً لهم، ووجهت لتلبية احتياجاتهم من التسلية والمرح، إلا أنه اليوم ومع تجاوز البعض لتعريف هذا المكان والخروج عن قواعده الأساسية دوره الأكبر في خلق مخاوف اجتماعية من قبل الأهالي، فيما لو قرروا الحضور إليه، واعتماده مزاراً للترفيه، حيث لم يعد للمكان سماته الأساسية، وبات إحدى أساليب التعدي على ثقافة مجتمع بأكمله.

حدائق خارج نطاق التغطية!!
حدائق خارج نطاق التغطية!!

فالتلوث البيئي لم يعد المشكلة بعينها، أمام امتداده لغياب الأخلاق العامة وثقافة ازعاج المحيط بتصرفات غير لائقة، ليبقى لكل فعل رد فعل طبيعي والذي شكل اليوم حالة نفور لدى الكثير، متجاوزين الوصول إلى فكرة الاهتمام بمقتنيات هذه الحدائق المسجلة أصولاً ضمن الأملاك العامة، والتي ستحمل مجتمعاً بأكمله مسؤولية حمايته والحفاظ عليه من الضياع.

واليوم لم يعد اللقاء ودياً ولا التجمعات بريئة، بل اختلف المعنى والأداء أيضاً، لنجد أنفسنا أمام تحدٍّ جديد خلق لدى الجميع تساؤلاتٍ مفادها…

من المسؤول عن غياب الرقابة على زائري هذه الحدائق والمتعدين على مبدئها والغاية المرجوة منها؟! التي باتت على شفا حفرة من انهيار ما تبقى من أخلاق هذا الجيل الذي لا زال يعيش ضمن دائرة المتعة والتسلية بها!!

فالخسارة اليوم موجعة، وتقدر بأرقام كبيرة في ميدان القائمين على متابعتها ورصد أماكن الخلل فيها ومن ثم تصويبها، ليبقى الجميع يمتلك صك براءة يشفع له في حال لم يتم رصد مخالفة حقيقية، في وقت بات خدش الحياء مقبولاً لدى الكثير دون النظر لما يسوقه للبقية من روَّاد هذا المكان.

حدائق خارج نطاق التغطية!!
حدائق خارج نطاق التغطية!!

ومهمة الرقيب اليوم لا تتعدى العناية بالممتلكات والتنبيه في حال وجود أي مخالفة، وبإمكانه استدعاء إحدى الدوريات المتواجدة في الحديقة أو أقرب قسم شرطة إليها، إلا أنه لن يستطيع منع أحد من القيام بأفعال مشبوهة، لا بل ومتكررة أيضاً، فاللجوء لحلول رسمية ستحمل الجهة المسؤولة ضمن الحديقة غرامات أيضاً، والتي سيبررها عدم اكتمال الشكوى بالمعلومات اللازمة.

واليوم أمام هذه المعطيات، غدت مناطق النزهة والفسحة السماوية كما يصفها البعض مصدراً للتلوث الثقافي لبيئة الطفل، والتي ستشكل معوقات لثقافته الخاصة وقدراته السلوكية، كما باتت مشاهدة الممارسات الخاطئة من قبل الكبار سواء في الشارع العام أو محيط بيئته السكنية مثالاً للانحراف مستقبلاً، والذي مازال حتى اليوم رهن تغيير ثقافة المجتمع وتعديل القوانين العامة.

بارعة جمعة – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: مهن خارجة عن المألوف تجلب لصاحبها المتعة ولمحيطه الشكوى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى