جدران سياسة الحصار الأوروبي ضد سورية تتصدع
جدران سياسة الحصار الأوروبي ضد سورية تتصدع
سياسة الحصار الأوروبية ضد سورية تتهاوى، خلاصة مقال تحليلي نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية قبل أيام (27 تشرين أول) مع تنامي مطالبات عدة دول أوروبية بمراجعة سياسة الحصار المفروضة على سورية بعدما تأكدت تلك الدول أن القيادة السورية باقية وأن خطة الغرب لإزاحة الرئيس بشار الأسد باءت بالفشل.
اللافت أن التحليل الذي كتبه للمجلة الخبير البريطاني- الأمريكي “تشالز ليستر” مدير برامج سورية ومكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط والزميل الزائر سابقاً في مركز “بروكنغز” الدوحة، والذي كان على مدى ثلاث سنوات على اتصال مباشر مع قادة “المجموعات المسلحة” التي تحارب الدولة السورية، يندب التوجه الجديد لدى عدد من الدول الأوروبية للانخراط في الحوار مع الحكومة السورية والمشاركة في مشاريع الإنعاش المبكر وإعادة الإعمار ويعتبر هذه السياسة “لا أخلاقية”.
لا يحفي الكاتب في متن التحليل حجم “الخيبة” التي أصيب بها جراء التوجهات الجديدة لدى العديد من الدول الأوروبية تجاه سورية لدرجة أنه قدم ديباجة مليئة بالحقد والكراهية ضد الدولة السورية وقيادتها في محاولة منه لإظهار عدم الرضا الأمريكي حيال التوجه الأوروبي الجديد الذي يشكل، من وجهة نظره، ضربة في صميم جدار الحصار الغربي ضد سورية وشعبها وسيكون لها تداعيات أكبر من الانفتاح العربي على دمشق.
يقول الرجل أنه وبناء على معلومات من أربعة مسؤولين أوروبيين تحدثوا إليه شريطة عدم الإفصاح عن هوياتهم، أنه بالرغم من الموقف الرسمي الأوروبي المعلن من سورية فإن تصدعات بدأت تظهر بين سياسات أعضاء الإتحاد الأوروبي تجاه سورية وأن خلافات جادة وموضوعية بدأت تتشكل في الأشهر الأخيرة.
وفقًا لهؤلاء المسؤولين فإن عدداً من الدول بما في ذلك اليونان وقبرص وإيطاليا والمجر والنمسا وبولندا “استخدمت موقعها داخل الاتحاد الأوروبي للضغط من أجل وضع خطوط سياسية جديدة ودعت لتغيير السياسات الأوروبية بشكل يجعلها تتوافق مع مصالح الرئيس الأسد”.
وتضيف المصادر ذاتها أنه “خارج غرف الإتحاد الأوروبي أيضاً، قامت بعض هذه الحكومات بتشكيل مجموعات مختارة من الخبراء لتبادل الأفكار حول إيجاد طرق مبتكرة لتجاوز قيود الاتحاد الأوروبي والعقوبات من أجل فعل المزيد في سورية”.
ويشير المحلل إلى أنه وبالرغم من أن هذه الدول تبرر هذا الخيار بسبب خوفها من تدفق اللاجئين، لكن الدافع الأقوى وراء هذه الدعوات لتليين موقف أوروبا بشأن سورية وبحسب الأحاديث الشفوية “يكمن في تأكيدها أن الرئيس الأسد قد انتصر وأن نظامه هو الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار في البلاد”.
ويضيف أن العديد من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي بدأت تشكو خلال مناقشات الوضع في سورية من سياسة الإتحاد وبدأت تزداد عبارات “الأسد انتصر وحان الوقت للتحرك للأمام” إضافة لتكرار الانتقادات للعقوبات الأوروبية المفروضة على سورية.
ويشير المحلل إلى أنه منذ عام 2020، أعادت العديد من الحكومات المذكورة إقامة شكل من أشكال العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، بما في ذلك بلغاريا وهنغاريا واليونان، التي أرسلت قائماً بالأعمال إلى دمشق في عام 2020، وقبرص، التي انتقلت إلى سفارة جديدة في منتصف عام 2021، مع وجود اتصالات ايطالية وبولندية مع دمشق في حين ذكرت المصادر الدبلوماسية أن النمسا تفكر الآن في شكل من أشكال الاتصال الدبلوماسي أيضاً.
وحتى الدانمارك أعلنت في نيسان 2021 أن المناطق التي تسيطر عليها الحكومة آمنة لعودة اللاجئين إليها.
ويخلص الكاتب إلى أن تكثيف المعارضة داخل الإتحاد الأوروبي ضد السياسة الأوروبية تجاه سورية يهدد بتفكيك هذه السياسة بالكامل، وسيؤدي إلى تآكل تدريجي لسياسة الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يهدد باقتلاع الموقف الدولي بأكمله، وتشجيع المزيد من الخطوات الإقليمية نحو إعادة الانخراط مع دمشق وعزل أولئك الذين يظلون ملتزمين بعدم المشاركة.
اقرأ أيضاً: تركيا مستمرة بسياستي التتريك والعنصرية في الشمال السوري