مقالات

تصدعات الكيان.. والداعمين

تصدعات الكيان.. والداعمين

 

في مثل هذه الأيام من ٢٠١٦ كان “جو بايدن” نائب الرئيس الأميركي يعبر عن احباطه من سياسات “حكومة نتنياهو”، وكان “جون كيري” وزير الخارجية يحاول الترويج لفكرة أن واشنطن راغبة بتحقيق اختراق بحل الدولتين، لكن هناك من يعطل ذلك في إشارة إلى “نتنياهو”.

بل إن الكذبة الأميركية القديمة على الأقل منذ خطة خارطة الطريق “بوش الابن – شارون”، تطورت إدعاءات أكثر نفاقاً وكذباً وصولاً إلى “جو بايدن” الرئيس حاليا، إذ ما بين حاله نائباً للرئيس وحاله وهو رئيس ما تغيرت إلا الأكاذيب، وما من تبدلات إلا في زيادة حجم المساعدات العسكرية وغير العسكرية للكيان الذي تجيد الإدارات الأميركية القراءة في دفاتره مهما كان شكلها، ديمقراطية كانت أم جمهورية.

ما كانت أميركا حسب زعمها قادرة على تحجيم معطلي حل الدولتين، كانت دائماً ترغب برؤية الحل، لكنها لم تتمكن من تحقيقه رغم تسابق الحزبين الحاكمين فيها عند كل مناسبة انتخابية لاسترضاء “ايباك” بتخصيص مليارات جديدة للكيان تخضع للزيادة دائماً، وصولاً إلى حماقة “ترامب” بالتوقيع على نقل السفارة الأميركية إلى القـ.ـدس المحـ.ـتلة!.

٢٠٢١ جرت معركة “سيـ.ـف القـ.ـدس” بسبب الاستفزازات والاعتـ.ـداءات في المدينة المقدسة والبلدة القديمة، واليوم إذ بلغت هذه الاستفزازات والاعتـ.ـداءات مستوى متقدماً لن ينفع معه ما إذا كانت واشنطن تشعر بالقلق أو ما هو أعمق منه، ولذلك فإن على حكومة “نفتالي بينيت” ألا تنتظر أقل من التصدعات التي تضرب ائتلافها الضعيف حتى لو حظي بموقف أميركي داعم ضمنياً متردد إعلامياً وظاهرياً.

حتى الآن لا شيء سيوقف التدهور الحاصل إلا التراجع كليا عن التقديرات التي فتحت الباب للمستـ.ـوطنين وجماعات الهيـ.ـكل المزعوم لارتكاب اعتـ.ـداءات على الفلسطينيين والمقدسات في الأقصى والبلدة القديمة، وفي نابلس “جبل القبيبات، وجبل عيبال” ذلك بإقامة الاحتفالات وممارسة الطقوس التلـ.ـمودية فيها تحت حماية جيش الاحـ.ـتلال وأجهزته القمـ.ـعية التي ترتكب كل يوم جرائم ومجازر بحق الشعب الفلسطيني.

منع ما سمي “مسيرة الأعلام” من الوصول إلى البلدة القديمة، الانسحاب من المصلى القبلي، طلب النجدة بالاتصال مع المطـ.ـبعين سعياً للتهدئة، واتخاذ مزيد من الإجراءات الأمنية، يتناقض مع توفير الحماية للاقتحامات. هو خضوع وتراجع، ربما، لكنه تناقض وتخبط يدفع بالوضع لاحتمالات أخرى ستتسع معها دائرة التوتر والمواجهات، بل قد لا تتوقف التداعيات عند هذه الحدود، وإن تخطيها سيبقى أمراً محسوماً ربما.

ميدانياً، الفلسطينيون بتوقيت شهر رمضان المبارك، وعلى مقربة من يوم القـ.ـدس العـ.ـالمي، هم في أتم الاستعداد لحماية الأقـ.ـصى المبـ.ـارك، وبحال الجاهزية للرد على الاعتـ.ـداءات والاستفزازات بما لا يحاكي فقط معركة “سيـ.ـف القـ.ـدس” إنما بما يتجاوزها، ذلك أن أحداً لن يتمكن من منع انتقال الاشتباكات إلى كل المناطق الفلسطينية، الضفة والقطاع ومدن ٤٨.

سياسياً، التصدعات بكل الاتجاهات، داخلياً: في “الائتلاف الحكومي” ستزداد بحكم الفشل الذي سيأخذ شكلاً آخر يفضح كرتونية تلك القبة التي #تمزقت سابقاً، ويكشف الأجهزة الأمنية واخفاقاتها، وخارجياً: سيكون من المؤلم جداً للكثيرين أن يبدأ الحديث عن احتمالات تفكك التحالفات القائمة مع الداعمين والمطبعين وأسيادهم في واشنطن، وما الإتصالات الأميركية الأخيرة التي جرت مع “نتنياهو” إلا الإنذار غير المجدي الذي ربما يأتي في سياق عبثية البحث عن بدائل أو حلول لانسداد أفق المسار مع “بينيت”، واستنقاذاً للكيان المؤقت.. هو لقيط ومؤقت، أوهن من بيت العنكبوت، ولا يترتب على من لديه شك في ذلك إلا المتابعة، ومراقبة القادم.

علي نصر الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى