مقالات

انجاز الترسيم ومحاولات التشويه

انجاز الترسيم ومحاولات التشويه

 

ماذا سنفعل في المرة القادمة عندما يتحدى حزب الله “إسرائيل” ويهددها؟ عبارة ترددت في أروقة كيان الاحتلال الإسرائيلي واختصرت المشهد الذي ترافق مع الإعلان عن التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان المحتل، فلماذا انبرت بعض الأقلام لتشويه ما تحقق للبنان من اعتراف العدو بحقوقه الغازية البحرية بعد سنوات من رفضه الاعتراف بها؟

قد لا يكون الاتفاق بمستوى الطموح لو كان التعاطي بين الدول المتجاورة التي تحتكم في حل خلافاتها إلى القانون الدولي، لكن أن ترغم عدوك الذي يحتل الأرض والسماء والبحر ويمارس البلطجة والعربدة منذ عقود، أن ترغمه على الرضوخ والاعتراف بحقوق لبنان والسماح له باستخراج ثرواته النفطية والغازية من مياهه الإقليمية بعد عقد من المماطلة والتعنت، لهو انتصار يستحق الافتخار.

انجاز الترسيم ومحاولات التشويه
انجاز الترسيم ومحاولات التشويه

أن يكون للبعض في لبنان وخارجه مشكلة مع الطبقة السياسية اللبنانية المتنازعة في كل شيء وعلى أي شيء، أو مع حزب الله فهذا شأنهم، لكن محاولة التشكيك بهذا الإنجاز يقع ضمن سياسة الترويج للاستسلام للعدو والركون للأمر الواقع الذي فرضه الإسرائيلي بالقوة والهيمنة، بحيث لا يحصل لبنان على أي من حقوقه الغازية في البحر وممنوع عليه التنقيب واستخراج الغاز والاستفادة منه إلى أجل غير مسمى.

لكن الكل يعلم أنه لولا قوة المقاومة اللبنانية والتهديد المباشر الذي أعلنه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله للعدو الإسرائيلي بأنه لن يكون مسموحاً له استخراج الغاز من أي منصة تعمل حالياً أو يفكر العدو بتشغيلها لاحقاً ما لم يحصل لبنان على حقوقه في مياهه الإقليمية، لبقي الوضع على ما هو عليه.. وتضيع حقوق لبنان الغازية بين وسيط يأتي وسيط يذهب أمام أعين اللبنانيين الذين يرزحون تحت وضع اقتصادي ضاغط.

وعلى البعض ممن يتهمون حزب الله بتضييع الفرصة أن يعلموا أنه لم تكن هناك فرصه أساساً لولا قرار حزب الله بمنع العدو من استخراج الغاز من حقل كاريش وما بعد كاريش إلا بعد حصول لبنان على حقوقه في مياهه الإقليمية.

فأي فرصة ضائعة يتحدث عنها هؤلاء؟ هل هي الفرص التي وفرها المطبعون والمستسلمون الذين استقبلوا النافق ارئيل شارون بالورود في بيروت عام 1982 أم من كانوا يقدمون الشاي لجنود الاحتلال الإسرائيلي؟

البعض يذهب إلى أن البلوكات اللبنانية ليس فيها احتياطات غازية من باب التشكيك بالاتفاق وتفريغه من قيمته.. وهل يتحمل الحزب مسؤولية وجود أم عدم وجود الغاز في مياه لبنان الإقليمية؟ وما هو البديل عما حصل غير استمرار كيان الاحتلال باستخراج الغاز والتنعم بعائداته واللبنانيون يعانون وطأة الفقر وفساد السلطة ومافياتها المذهبية والسلطوية؟

انجاز الترسيم ومحاولات التشويه
انجاز الترسيم ومحاولات التشويه

وهل ادعاء كيان الاحتلال بأن اتفاق الترسيم البحري الحالي يحقق مصالح الكيان الاقتصادية والأمنية يعكس حقيقة الوضع الحالي؟ إذا كان كذلك فالسؤال المطروح لماذا كان العدو يتعنت ويرفض منح لبنان ما حصل عليه اليوم لمدة تزيد عن عقد من الزمن؟

هل عادت له الأخلاق التي لا يتحلى بأي منها؟ أم أن ما حصل هو فعلاً الخضوع لإرادة لبنان الرسمي بدعم من مقاومته؟

ثم، كيف ظهر الكيان المحتل في عملية الترسيم الأخيرة؟ هل ظهر قوياً يفرض ما يريد أم ظهر ضعيفاً أمام إرادة المقاومة الصلبة التي فرضت شروط لبنان وحقوقه؟ هل ظهر بمظهر الثابت أم المهزوم أمام لبنان ومقاومته؟

بالمقابل كيف ظهر لبنان ومقاومته؟ هل ظهر ضعيفاً مستجدياً أم قوياً يقول هذا حقي ولن أتنازل عنه وخلف ظهري قوة سيكون لها كلام آخر إذا لم تعترفوا بحقوقي؟ فالإسرائيلي لم يعتد على تقديم التنازلات سوى مرغماً وتحت تهديد قوة المقاومة منذ عام 2000 عندما اندحر مهزوماً من جنوب لبنان وفي عام 2005 عندما انسحب من قطاع غزة واليوم عندما يعترف بحقوق لبنان البحرية وحقوله الغازية في البحر.

انجاز الترسيم ومحاولات التشويه
انجاز الترسيم ومحاولات التشويه

ما دفع الكيان المحتل إلى توقيع الاتفاقية والاعتراف بحقوق لبنان هو تهديدات حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله وخشية الكيان من تنفيذ تهديداته بضرب حقل “كاريش” وغيره من منصات إنتاج الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط ولو كان باستطاعة “إسرائيل” ردع حزب الله لما ترددت ولما قدمت أية تنازلات.

لقد أثبت حزب الله للبنانيين ومعهم العالم مرة جديدة أن الحقوق تستباح مالم تكن لديها قوة تحميها وأن الحقوق المسلوبة لا تعود بدون قوة تستردها، وأثبت أنه المدافع الرئيسي عن لبنان وسيادته واقتصاده وأن قوته العسكرية كما يقول دائماً هي قوة تحصين وحماية للبنان عسكرياً وسياساً واقتصادياً.

التحدي الذي فرضه حزب الله اللبناني في مواجهة المحتل الإسرائيلي قد لا يكون الأخير في هذه المواجهة المفتوحة التي تتطور فيها معادلات الصراع خصوصاً بعد تحقيقه إنجازه الحالي دون إطلاق صاروخ واحد.

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: قوة لبنان من قوة مقاومته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى