مقالات

الواجب الإنساني والنفاق السياسي  

الواجب الإنساني والنفاق السياسي  

 

بعد مرور أربعة أيام على الكارثة المؤلمة التي ضربت سورية جراء الزلزال المدمر، ظهرت دول العالم على حقيقتها الإنسانية، فالخلافات السياسية يجب أن يتم وضعها جانباً عندما تحل كارثة طبيعية في دولة ما وعلى العالم أجمع أن يتحد لتجاوز تداعيات الكارثة الطبيعية ورفع المعاناة عن المدنيين والمصابين.

بالرغم من ذلك وجدنا أن الدول الغربية الاستعمارية التي تتخذ موقفاً معادياً لسورية وشعبها منذ عقد ونيف وعلى رأسها الولايات المتحدة وضعت رأسها في الرمال وكأنها لم تسمع أو تشاهد الكارثة وتداعياتها الإنسانية على عشرات الآلاف من الأسر السورية في المحافظات الشمالية الغربية ولاسيما في حلب واللاذقية وحماه وطرطوس وإدلب.

تلك الدول التي تصدع رؤوسنا بشكل دوري في مجلس الأمن الدولي وتلقي الخطابات الرنانة التي تتحدث بألم مصطنع عن وضع حقوق الإنسان في سورية والفقر والجوع، غابت إنسانيتها اليوم وبلعت تلك الدول لسانها وكأنها لم تسمع بما حدث في سورية ولم تر كم من الضحايا سقطوا تحت أنقاض منازلهم جراء الزلزال المدمر.

الخارجية السورية ناشدت دول العالم عبر الأمم المتحدة ومنظماتها لمد يد العون للسوريين الذين تهالكت قدراتهم الفنية والتقنية جراء الحرب والحصار من أجل المساعدة في رفع الأنقاض والبحث عن الناجين ورفع الحصار الجائر المفروض على سورية الذي يعرقل وصول المساعدات من الدول الراغبة، وقد تحركت العديد من الدول الصديقة والمحبة لسورية وشعبها من دول عربية وأجنبية وحرّكت ما تستطيع من جسور جوية وبرية لنجدة السوريين المنكوبين بالحرب والزلزال.

10 24

لكن الكارثة الإنسانية التي ضربت سورية وتركيا في لحظة واحدة، كشفت الوجه الحقيقي للغرب الاستعماري وفضحت الإنسانية التي تكيل بمكيالين وتنظر للإنسان من منظورين، فالواجب الإنساني في لحظات الكوارث الطبيعية ينبغي أن يعلو على أي خصومة سياسية وأن تتكاتف الدول وتمد يد المساعدة، فليس هناك من دولة قد لا تتعرض في يوم من الأيام لكارثة طبيعية وتحتاج لمساعدة الآخرين، لكن وحدها دول العدوان أصرت أن يكون العدوان والحصار عنوان موقفها.

فالدول الغربية الاستعمارية التي تشارك في الحصار الأمريكي على سورية لم تبادر إلى موقف إنساني يكتب لها، وبالرغم من أن السوريين لا يطلبون المساعدات من تلك الدول، لكن المطلوب منها على أقل تقدير أن تبادر إلى رفع الحصار فوراً لتمكين الدول الراغبة في مد يد العون والمساعدة إلى السوريين من القيام بذلك دون خشية من عصا العقوبات الجائرة التي قد تتعرض لها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

نكتب بالشكر اليوم لجميع الدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة التي تحركت وأرسلت المساعدات وفرق الإنقاذ والمعدات لمساعدة السوريين في تجاوز آلامهم ومعاناتهم، ونقدر لهم موقفهم الذي كان البلسم المداوي لجراحهم إلى جانب ما أبداه السوريون قيادة وحكومة وشعباً من شعور عال بالمسؤولية، من خلال تكاتفهم وتعاضدهم وتحركهم لنجدة بعضهم وتقديم المساعدات بما يستطيعون وهم الذين عرفوا كيف يتقاسمون الألم ويضمدون الجراح لتجاوز المصاعب والمصائب.

سيحفظ السوريون في ذاكرتهم المحفورة بالألم كل من وقف إلى جانبهم بكثير من الامتنان الممزوج بالمحبة التي لا يضاهيها موقف إنساني، كما سيجلون للتاريخ المواقف اللاأخلاقية للدول التي تخلفّت عن مد يد العون في أحلك الظروف الإنسانية.

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: “زائر الفجر” يسرق نوم أطفالنا.. أصوات تصدح حول العالم: ارفعوا الحصار عن سورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى