النباشون.. ظاهرة حاضرة بقوة باللاذقية أبطالها أطفال ولا رقيب!
مجموعة أطفال لا تتعدى أعمارهم العشر سنوات “النباشون” يتحلقون حول مجموعة حاويات حبلى بالقمامة وتفيض وسط ساحة الحطاب بحي الزقزقانية باللاذقية، ينبشون بها بأياديهم الصغيرة والأوساخ تخفي معالم وجوههم الغضة وتحيل لون ملابسهم للسواد المغبر، واللافت في الأمر الحبوب والبثور والجروح النازّة التي تغزو جلدهم، ليبادروا بالترجي عند مشاهدتي أصورهم وليجتمعوا حولي قائلين: “بالله ما تطلعينا بالصور مناكل قتلة وبتقطعي رزقتنا!”.
وعند سؤالي لأكبرهم وهو طفل بدا أسمر البشرة بما ظهر منه ليتضح لي أنه أبيض بعينين عسليتين ولكن للشمس أثرها الواضح، سألته ماذا تفعلون هنا وأنتم بهذا العمر الصغير حيث كل من برفقته أصغر سناً؟
قال: “نحن نجمع (القراضة) نبحث في حاويات القمامة على المواد التي نبيعها ونقبض ثمنها بعد وزنها حيث نفرز البلاستيك والورق والخبز والتنك فلكل مادة سعرها”.
وعند سؤالي لمن تبيعونها ومن دفعكم لهذا العمل؟ رفضوا الإجابة واكتفوا بالسكوت، وعند سؤالي عن سبب ما بدا على أجسامهم من بثور وجروح؟ أجاب أحدهم، “من الزبالة والبرغش والذباب، بس أمي بتحطلي مرهم بعد الحمّام” وأكملوا عملهم بوضع كل مادة بصناديق محمولة على (بسكليتات).
لم يكن هذا الموقع هو الوحيد الذي يشهد هذه الظاهرة فالنبش بات متفشياً في جميع الأحياء وما تحويه من حاويات في أرجاء مدينة اللاذقية، لتصبح تجارة رابحة وعملاً يقوم به الكبار والصغار وحتى النساء اللواتي يتلثمن وهن ينبشن الحاويات برفقة أطفالهن، وليصل ما يحصلونه من أجر يتعدى ١٥ ألف ليرة لكل فرد حسب المادة ووزنها.
ولا يخفى على أحد مقدار تردي واقع النظافة في المحافظة حيث تنتشر القمامة، في ظل غياب عمليات الترحيل اليومية للحاويات مع التشاركية بالاستهتار من قبل المواطنين بالرمي العشوائي للقمامة لدرجة وضعها أينما تيسر وبأفضل الأحوال خارج الحاوية.
لفتني في موقع لتجمع حاويات بحي الزراعة وجود مجموعة شبان حوّلوا دراجة بثلاث عجلات بصندوق كبير مقسم لعدة أقسام يقومون بوضع المواد مفروزة حسب نوعها، مخلفين بقايا النبش خارج الحاويات لتبقى عرضة للانتشار أكثر، رفضوا الحديث وركبوا عرباتهم وولوا إلى حاويات مجاورة.
المشهد يتكرر أينّما تجولت في اللاذقية بظاهرة ملفتة خارجة عن حدود المنع، وللوقوف على حيثياتها وما هو دور الجهات المعنية بالنظافة في محافظة اللاذقية.
تواصل “كليك نيوز” مع المهندس “عمار القصيري” رئيس دائرة النظافة في بلدية اللاذقية حيث قال، “تقوم المديرية بشكل يومي بتسيير دوريات جوالة بمؤازرة شرطة مجلس مدينة اللاذقية للقيامة بحملات مكافحة للنباشين المتواجدين في كافة شوارع وأحياء المدينة”، حيث يتم من خلال هذه الجولات مصادرة نواتج النبش ومصادرة أدوات عملهم والعربات التي يستخدمونها في النقل ونبش الحوايا.
إضافة إلى تنظيم الضبوط اللازمة من قبل شرطة مجلس المدينة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم، وفي كل يوم يتم استهداف عدة أحياء في المدينة ويتم مصادرة هذه العربات وإيداعها لدى المستودع المركزي مجلس المدينة.
والأعمال مستمرة في مكافحة هذه الظاهرة لما لها من أثر سلبي على وضع النظافة خصوصاً حول الحاويات حيث يتم نبشها ونثر القمامة بشكل عشوائي حولها مما يسبب أعباء إضافية للعاملين في مديرية النظافة ويتطلب جهداً مضاعفاً لإعادة الوضع كما كان عليه.
وأضاف “قصيري” بأن مديرية النظافة تشدد على ضرورة الابتعاد عن نبش الحوايا تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
بالمحصلة عملية نبش القمامة حاضرة وبكثرة في اللاذقية وجلّ من يعمل بها أطفال بعمر صغير، ولا تقف العقوبات والإجراءات المتخذة عائقاً للحد منها.
حيث باتت مصدر رزق للكثيرين في ظل الانتشار الكبير للقمامة باللاذقية والتأخر بعملية الترحيل التي تسهل الفرص باستخراج الكثير من المواد القابلة للبيع والتي تجد تجارها الرابحين بالتأكيد.
والسؤال المطروح هنا، هل من الممكن تشريع هذا العمل ووضع ضوابط وأنظمة تفتح المجال لبقائه وهو حاضر على أرض الواقع؟
ميساء رزق – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: محطة تحويل الرستين خلال أيام بالخدمة.. هل تتحسن الكهرباء في اللاذقية؟