الرئيس الإيراني في دمشق.. شراكة الصمود والانتصار
الرئيس الإيراني في دمشق.. شراكة الصمود والانتصار
يحل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي غداً الأربعاء ضيفاً على الرئيس بشار الأسد في زيارة رسمية هي الأولى لرئيس إيراني إلى دمشق منذ 13 عاماً، رغم أن طهران لم تغب يوماً عن دمشق خلال تلك السنوات، وكانت إلى جانب موسكو الشريك والداعم الرئيسي لسورية في مواجهة الإرهاب ودحره عن عاصمتها وعن قلعتها الاقتصادية.
زيارة وصفها السفير الإيراني بدمشق “حسين أكبري” في تصريح لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) بأنها إلى جانب دورها في تطوير العلاقات الإستراتيجية بين البلدين ستشكل “منعطفاً على الصعيد الإقليمي” وسوف “تترك أثاراً جيدة خارج المنطقة” بسبب المتغيرات والتطورات الإيجابية التي شهدتها وتشهدها المنطقة والعالم.
فالزيارة التي تتزامن مع تحولات كبرى في الخرائط الجيوسياسية الإقليمية والعالمية، لا يمكن أن تكون عادية، فهي تشكل تتويجاً لانتصار انتزعته دمشق وطهران وموسكو في مواجهة قاسية ضد محور الإرهاب العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على الساحة السورية، وإعلان نصرٍ للتحالف الاستراتيجي الذي أكد رسوخه في وجه الضغوط الغربية، وأثبت دوره البارز في رسم المعادلات السياسية في المنطقة والعالم.
وتنبع أهمية الزيارة من أنها تأتي في أعقاب الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، وفي وقتٍ تحولت فيه دمشق قبلة للمسؤولين العرب بعد مقاطعة لسنوات، وفي ظل انفتاح عربي لافت تقوده السعودية لإنهاء القطيعة التي فرضتها واشنطن على سورية وقادت إلى خراب في المنطقة وسيل من الدمار والدماء.
اقرأ أيضاً: تحمل في طيّاتها الكثير من الرسائل.. زيارة استثنائية للرئيس الإيراني إلى دمشق
تتحدث مصادر في دمشق بأن سورية على بعد عام أو عامين من استعادة عافيتها، وهي تعوّل على مناخ التصالح الإقليمي من جهة وعلى الانفتاح العربي الذي تقوده السعودية من جهة ثانية، من أجل تسريع خطى التعافي السوري وتجاوز تداعيات سنوات الحرب والحصار، بعدما تكفلّت طهران بفاتورة دعم كبيرة للاقتصاد السوري على مدى عقد ونيف.
فالوئام السعودي الإيراني لابد أن ينعكس وئاماً في المحيط العربي وفي قلبه دمشق التي تحمّلت وزر العداء الذي افتعلته واشنطن وعملت على تأجيجه بين دول الخليج وإيران من جهة، وبين الدول العربية وسورية من جهة ثانية.
من هنا، تشكل الزيارة التي تستمر يومين محطة تاريخية في ترسيخ العلاقات الإستراتيجية بين البلدين واستكمال النصر على الإرهاب، إلى جانب تسريع خطى التعاون الاقتصادي نظراً للوفد الاقتصادي الكبير الذي يرافق الرئيس الإيراني، إذ تشير المصادر الإيرانية إلى أن البلدين يستهدفان الوصول إلى تبادل تجاري يقارب المليار ونصف مليار دولار خلال 3 سنوات بدءاً من آذار 2022.
وما يعطي الزيارة زخماً اقتصادياً أيضاً هو أنها جاءت بعد أيام قليلة من اختتام مباحثات اللجنة الاقتصادية السورية الإيرانية في دمشق والتي مهدت لتوقيع اتفاقيات عديدة في قطاعات الزراعة والطاقة والمالية والتجارة والإسكان والنفط والصناعة والكهرباء والنقل بما يعكس رغبة قيادة البلدين بتسريع وتيرة التعاون الاقتصادي وتوسيعه لمساعدة سورية في إعادة الإعمار واستعادة عافيتها الاقتصادية بأسرع ما يمكن.
وتقول مصادر إيرانية أنه سيتم خلال الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية الهامة تضاف إلى الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، والجديد فيها خط ائتماني خاص بقطاع الكهرباء إلى جانب الخط الائتماني الخاص بالوقود، من أجل استعادة قطاع الكهرباء عافيته باعتباره أحد أهم الحوامل الاقتصادية في مرحلة إعادة الإعمار.
لقد تحملت سورية وإيران اللتان ترتبطان بتحالف استراتيجي يعود إلى ثمانينات القرن الماضي ضغوطاً كبيرة ودفعتا تكاليف باهظة بسبب دعمهما للمقاومة في لبنان وفلسطين.
وتعرضت سورية ومازالت لاعتداءات إسرائيلية متكررة على مطاراتها ومواقع عسكرية ومدنية بحجة وجود مواقع إيرانية فيها.
لكن ذلك لم يؤثر في التحالف الإستراتيجي بين البلدين، بل انعكس تماسكاً وقوة متصاعدة في محور المقاومة الذي حقق قفزات نوعية تجسدت في وحدة الساحات خلال الاشتباك الأخير ضد الاحتلال الإسرائيلي على جبهات الضفة الغربية وقطاع غزة وجنوب لبنان والجولان، الأمر الذي يبشر بمرحلة متقدمة من التنسيق العسكري في المواجهة المفتوحة مع العدو المشترك.
إن صورة الرئيس بشار الأسد متوسطاً الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في قصر الشعب عام 2010 لم تغب عن الأذهان بعد، ورسائلها النارية للأعداء مازالت قائمة، وهي تتكرر في دمشق هذه الأيام، وإن بشكل مختلف.
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع