الجمعية الشهرية.. اقتصاد الطوارئ والشراكة المحلية يواجهان شبح التضخم
الجمعية الشهرية.. اقتصاد الطوارئ والشراكة المحلية يواجهان شبح التضخم
يبدع المواطن السوري في مواجهة أزماته، لا بل تفوق على خبراء الاقتصاد في التحايل على ظروفه، التي و ضعته في حالة مواجهة ودفاع دائم عن نفسه، إلا أن ما لم يخطر ببال البعض ممن لجؤوا لمتابعة تطورات التضخم وارتفاع أسعار المعيشة بشكل يومي، هو اعتماد بعض المواطنين ثقافة التمويل الذاتي وتدوير الأموال، ضمن لعبة إخفاء جزء من المال ضمن تركيبة منوعة بدأت بالمطمورة، ومن ثم تعدت هذا الاختراع، لتلحق بركب التطور ضمن مجموعة عمل تضم أفراداً متجانسين من حيث الفكر والمبدأ والمستوى المعيشي سواء من جهة العمل أو الزمالة الموثوقة.
وفي دراسة تعد أكثر حنكة وفطنة من مشاريع وضعت ضمن خطط مستقبلية لكثير من الجهات هدفها تحسين المعيشة للمواطن، وجد المواطن نفسه قادراً على التخطيط أيضاً، وذلك بوضع حجر الأساس لشراكة قائمة على مبدأ العدل والتفاهم، إضافة للالتزام وحس المسؤولية لدى الأطراف كافة.
وإلا فالفوضى هي النتيجة لا محالة، وأمام نجاح التجارب في قديم الزمان لدى فئات استطاعت تأمين عيش كريم وتمكنت من اقتناء الغالي والنفيس من هذه الشراكة، عدا عن قدرتها في لم شمل الجميع في اتجاه واحد مفاده الحصول على المنفعة العامة وتيسير الأمور.
بدأت فعالية مشروع الجمعية الشهرية بالتناقص تدريجياً، فلا قيمة لما يجمع فيما يسعى إليه البعض من مشاريع باتت ضخمة اليوم وتحتاج مصاريف كبيرة، فرأس المال واحد وهو الدخل الشهري الذي لم يعد يحمل أبسط الهموم اليومية، وإذا ما فكر البعض برفع سقف الاتفاق والدفع، سيعيش الجميع ضمن كابوس آخر الشهر في التسديد والدفع.
وبرغم كل ما يعيق استمرارية هذا النهج الاقتصادي بشكل مباشر، لا تزال شراكات العمل تقوم على هذه الفكرة، لا بل وتشجعها أيضاً حسب روايات الكثير ممن نالوا فرصة العمل بها، إلا أن اليوم وأمام ما يفتقده الكثير من الدقة والالتزام واحترام القوانين الناظمة لهذه الشراكة، باتت هذه الفكرة أقرب للزوال برأيهم.
فيما يدافع البعض عن ضرورة البقاء ضمن هذا المحور من مبدأ الحصول على مبلغ بيسر وسهولة دون اللجوء لما يسمى روتين الأوراق الرسمية، فما تتطلبه خطوات الحصول على قرض أو سلفة يمثل إرهاقاً لصاحبه، عدا عن المبالغ الاضافية المترتبة عليه في نهاية استعادة هذه الأموال، والتي يعدها الكثير بأنهم الأحق بها، لتبقى فكرة الشراكة المحلية أكثر راحة وضمانة فيما لو تمت بشروطها الصحيحة.
نعم. هي الفكرة الأكثر تداولاً، لكن فيما لو نظرنا لهذا الأمر من زاوية الاقتصاد وتنشيط عملية البيع والشراء، سنجد بأنها الأنجح من حيث تحريك السوق، وفي نظرة أخرى لماهية هذا الفعل نفسياً ومجتمعياً، نستنتج بأنها الوسيلة والوحيدة لجمع شتات ذوي الدخل المحدود ضمن مشروع مربح ومجزي للكثير، وقادر في الوقت ذاته على إدخال الراحة لنفوس الجميع أمام وعود حقيقية ويقين تام بأن ما هو موعود به قادم بالتأكيد.
وفيما لو وضعنا هذه الخطط البسيطة بميزان التقييم، ستكون هي النموذج المصغر لحل الكثير من أزماتنا الحالية وفي مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية، فماذا لو تضافرت الجهود وتكاتفت المساعي بالتزام ودقة كتلك التي تشوب هذا المشروع البسيط!!
وهنا لا بد لنا من السؤال المباشر عن مدى قدرة المواطن في الالتزام والمبادرة دائماً بطرح الحلول على طاولة الأزمات؟! وهل ستبقى القدرة على المواجهة بهذه الطرق المحلية البديل الأفضل والأنجع له في الأيام القادمة؟!
بارعة جمعة – كليك نيوز
اقرأ أيضًا: المركزي يرفع سعر صرف الدولار 7 بالمئة.. التجارة الداخلية: لن يؤثر في الأسعار