أربع ساعات براتب موظف.. الماراثون الامتحاني يبلغ ذروته والعبرة بالنتائج
ينفق الكثير من الأهالي سنوياً أموالاً طائلة ضمن ميزانية الدروس الخصوصية، كما أن المشهد العام للوضع التربوي يشهد إقبالاً متزايداً على المعاهد الخاصة والجلسات الإمتحانية التي باتت “لا تسمن ولا تغني من جوع” برأي الكثير، عدا عن كونها مدخلاً لاستغلال العديد من أصحاب المعاهد، باستثمارهم أسماء معينة لجذب الطلبة تحت مسمى “النخبة”، لنجد جمهور الطلبة مندفعين لهذا الأمر، آملين حدوث المعجزة التي تدفع بهم للمراكز الأولى.
فروق فردية
وتتعدد الأسباب إلا أن الهدف واحد وهو النجاح، يخبرنا الطالب في المرحلة الإعدادية “علي موسى” عن معاناته السنوية إثر الضغط الكبير بالمنهاج، وعدم قدرته على استيعاب كافة المعلومات ضمن الحصة الدراسية، ولجوئه للمتابعة مع المعاهد الخاصة الكائنة ضمن منطقته.
بينما لم تعد وجهة الدروس الخصوصية لمن لديه ضعف في تلقي المعلومة فقط، بل امتدت لكافة الطبقات والفئات العمرية، أمثال الطالبة “مايا نصر” التي تعده نوعاً من إرضاء “البريستيج” الإجتماعي والمفاخرة بين صديقاتها.
بينما شكلت ظروف المعيشة وانشغال الأهالي في تحصيل ما يسد رمق العائلة سبباً للدفع بأبنائهم للمتابعة ضمن المعاهد أيضاً.
ثقافة مجتمع
لم يقتصر تأثير هذه الظاهرة على الطالب فحسب، إنما بتنا أمام مشكلة أخرى وهي الاعتقاد الجازم بأهمية هذا السلوك في المجتمع كنوع من الاستقرار النفسي، ما يقود لترسيخ هذا المبدأ من وجهة نظر الاختصاصية النفسية والتربوية والمنسقة في المركز الوطني لتطوير المناهج التعليمية سابقاً “علا المغوش”، مرجعةً الأمر لربط الأهالي التميز بالدرجة العلمية، والذي يخالف مبدأ المناهج الجديدة القائم على المهارات والمعارف والقدرة على الإبتكار.
وأشارت “المغوش” إلى أن كل تطور سيأخذ وقته حتماً للتبلور والإندماج مع ثقافة المجتمع، فالمعلم يحتاج التدريب والاعتماد على وسائل تعليمية والذي تؤكده خطة وزارة التربية أيضاً.
مؤهلات خاصة
واليوم يقف الأهالي أمام معضلة اختيار الأستاذ والقائمة على الخبرة والأجرة، وسط ارتفاع خيالي في أجور الساعة الخاصة، والتي باتت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتقديرات المعلم نفسه للأحوال المادية للأهل من جهة، ومستوى إستيعاب الطالب ضمن الدرس من جهة أخرى بحسب وجهة نظر أستاذ اللغة العربية “رامي تكريتي”.
وقدَّم “تكريتي” نصائحه للأهالي في اختيار معلم لا يملك شهرة واسعة لتأثيره الكبير على سعر الساعة الدراسية التي تراوحت بين 50 – 25 ألف بالنسبة للمواد العلمية لكثرة الطلب عليها، وبين 15 – 25 ألف للمواد الأدبية.
بينما أكدت “علا المغوش” بأن إثبات حضور المدرس سواءً في التعليم أو في إعلانات السوشيال الميديا الترويجية، تؤثر في التغذية الراجعة لدى الأهالي في الاختيار، عدا عن طبيعة كل منطقة ومستوى دخل قاطنيها، منوهةً لدور وزارة التربية في الحفاظ على مدرسيها، من خلال المساعي لوضع مراتب للمعلم ترتبط بنشاطه والعمل على رفع طبيعة العمل لهم.
ضوابط تربوية
ولكُلٍّ أسبابه في اللجوء لهذه الوسيلة التعليمية برأي مديرة الإشراف التربوي في الوزارة “إيناس ميه”، فالغياب وعدم تنظيم الوقت بالنسبة للطالب ومقارنة نفسه بزملائه، والإخفاق وعدم رغبة المدرِّس بتطوير أدواته ومقاومته للتغيير الحاصل والفائدة المادية العائدة له، إضافة لعدم تعاون الأسرة مع المدرسة والمفاخرة بين الأهالي هي من أبرز هذه الأسباب.
لذا عملت وزارة التربية من خلال خطتها للحد من هذه الظاهرة بالعمل على تطوير المناهج واعتماد مدخل النشاط، بحيث أصبح المتعلم هو محور العملية التربوية، وانتقل من متلقي سلبي إلى مشارك فاعل.
وبموازاة ذلك قامت الوزارة بتدريب المعلمين على الطرائق النشطة في التعلم وإدارة الصفوف وضبطها بأسلوب إيجابي، ودمج التقانة في التعليم، وتدريب الأطر التوجيهية والإشرافية التي تقوم بمتابعة المعلم داخل الصف، حيث تم تدريب ما يزيد عن 2000 موجه اختصاصي وتربوي.
وأشارت “ميه” إلى وجود دورات تعليمية ضمن المدارس وبأجور رمزية، لسد الثغرات لدى الطلاب واستقطاب خيرة المدرسين من الأطر التربوية للعمل فيها، واللجوء لبث الدروس والندوات التدريبية عبر القناة الفضائية التربوية، وخاصة لطلاب الشهادات، وإنشاء منصات تربوية في المركز الوطني لتطوير المناهج.
واتخاذ الاجراءات بحق تقصير المعلم عن الحضور، منوهةً إلى أن الحد من هذه الظاهرة لا يقتصر على جانب التربية فقط، بل يجب أن نعمل جميعاً “تربية” و “إعلام” و “أولياء أمور” للحد منها، لأن الأضرار تطال الجميع.
بارعة جمعة